
أطلقت شركة نفيديا، التي تُعرف بريادتها في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتصنيع الرقائق، منصة جديدة تُدعى "Signs" لتعليم لغة الإشارة الأمريكية. تأتي هذه المبادرة في إطار شراكة استراتيجية مع الجمعية الأمريكية لأطفال الصم ووكالة Hello Monday، بهدف توفير أداة تعليمية مبتكرة تدعم تواصل الأسر مع أطفالها الصم وتفتح آفاقاً جديدة للتعلم التفاعلي.
تعتمد منصة "Signs" على استخدام أفاتار ثلاثي الأبعاد يُظهر الإشارات بدقة، حيث يُتيح للمتعلم متابعة الحركات وتنفيذها أمام كاميرا الجهاز. يقوم نظام الذكاء الاصطناعي بتحليل الأداء وتقديم تعليقات فورية، مما يُسهم في تحسين طريقة أداء الإشارات وتصحيح الأخطاء بشكل مباشر. وفي البداية، تحتوي المنصة على 100 إشارة، مع خطط طموحة لتوسيع مكتبتها لتضم 1,000 إشارة في المستقبل.
الأفاتار هو تمثيل رقمي يُستخدم لإظهار شخصية أو كيان في البيئات الافتراضية، سواء كانت ثلاثية الأبعاد أو ثنائية الأبعاد. في سياق المنصات التعليمية أو الألعاب الإلكترونية، يُمثل الأفاتار المستخدم أو يُستخدم لتقديم محتوى تفاعلي بشكل مرئي. على سبيل المثال، في منصة "Signs" التعليمية، يُستخدم الأفاتار لعرض حركات لغة الإشارة بشكل دقيق، مما يساعد المستخدمين على متابعة التعلم والتقليد بشكل فعال.
تُعد هذه المنصة جزءاً من جهود نفيديا لتوسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي في المجالات التي تُساعد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن. إذ تعمل شركات كبرى مثل Meta وGoogle وOpenAI على تطوير تقنيات مشابهة لتحسين الوصولية للمستخدمين، مما يُبرز أهمية الابتكار في هذا القطاع. وفي هذا السياق، تؤكد نفيديا على رغبتها في تقديم حلول عملية تفيد المجتمع ككل، وليس فقط الشركات الكبرى.
تسلط منصة "Signs" الضوء على أهمية تعليم لغة الإشارة، خاصةً وأنها تُعد اللغة الثالثة الأكثر انتشاراً في الولايات المتحدة بعد الإنجليزية والإسبانية. وفقاً لما أوردته Cheri Dowling، المديرة التنفيذية للجمعية الأمريكية لأطفال الصم، فإن توفير أدوات تعليمية مبكرة للعائلات، التي غالباً ما تكون من ذوي السمع، يُساهم في فتح قنوات تواصل فعّالة مع الأطفال الصم منذ سن مبكرة. كما تُتيح المنصة إمكانية إضافة مقاطع فيديو لإشارات جديدة، مما يُساعد على توسيع القاموس المستخدم وتحسين دقة التعرف على الإشارات مع مرور الوقت.
لا تقتصر أهمية منصة "Signs" على الجانب التعليمي فحسب؛ بل تُعد أيضاً خطوة استراتيجية لدعم أعمال نفيديا في مجال تصنيع الرقائق. فمع تزايد استخدامات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، تُعد هذه المنصة مثالاً على كيفية استفادة الشركات من التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي لتعزيز منتجاتها وخدماتها. كما أن البيانات التي تُجمع من تفاعل المستخدمين قد تُفتح الباب أمام تطوير تقنيات جديدة مثل تحسين التعرف على الإشارات في تطبيقات مؤتمرات الفيديو أو حتى استخدام الإيماءات للتحكم في السيارات.
من خلال منصة "Signs"، تُثبت نفيديا أن الابتكار لا يقتصر على تحسين الأداء الصناعي والتقني فحسب، بل يمتد ليشمل تحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات. ومن خلال توفير أداة تعليمية تفاعلية ومجانية، تُساهم الشركة في تعزيز التواصل بين الأسر الصمّة وأطفالها، مما يمهد الطريق لمستقبل يتسم بالمزيد من الشمولية والتواصل الفعّال. هذه المبادرة ليست سوى خطوة واحدة ضمن سلسلة من التحركات التي تُظهر كيف يمكن للتكنولوجيا أن تخدم الإنسانية بطرق عملية ومؤثرة.
コメント