top of page
© Copyright

رحلة ميتا: من عصر فيسبوك إلى مستقبل الروبوتات والذكاء الاصطناعي

صورة الكاتب: د. سامر المغامسيد. سامر المغامسي


على مدى العقدين الماضيين، شهد العالم تحولًا جذريًا في طرق التواصل والترفيه بفضل منصات وسائل التواصل الاجتماعي. فقد كان فيسبوك، الذي أطلق العصر الحديث لهذه الوسائل في أوائل القرن الحادي والعشرين، حجر الزاوية في هذا التحول الرقمي. ومع ذلك، فإن الشركة الأم لفيسبوك، ميتا، تسعى اليوم لتغيير مفهومها والتوسع نحو آفاق جديدة، حيث تخطو خطواتها نحو مستقبل يعتمد على الروبوتات البشرية الشكل.


بدأت رحلة فيسبوك بتأسيس منصة أساسية لتبادل الأفكار والتواصل بين الناس، لكنها سرعان ما تحولت إلى رمز لثورة التواصل الرقمي. ومع مرور الوقت، قررت الشركة إعادة تسمية نفسها إلى ميتا، معبرة بذلك عن رغبتها في تجاوز حدود وسائل التواصل الاجتماعي والبحث عن مجالات جديدة للتأثير في حياتنا اليومية. هذا التحول لم يكن مجرد تغيير في الاسم، بل كان جزءًا من استراتيجية أوسع للانخراط في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والميتافيرس، بالإضافة إلى الأجهزة الذكية والروبوتات.


أعلنت تقارير حديثة عن تشكيل فريق جديد داخل ميتا يعمل على تطوير روبوتات بشرية الشكل قادرة على أداء المهام المنزلية. الهدف الرئيسي من هذا المشروع ليس فقط إنتاج روبوت يحمل علامة ميتا، بل تطوير منصة تُتيح للشركات الأخرى بناء روبوتاتها الخاصة، على غرار نموذج نظام التشغيل أندرويد الذي أصبح القوة الدافعة وراء صناعة الهواتف الذكية. بهذا التوجه، تسعى ميتا إلى أن تصبح لاعبًا أساسيًا في صناعة الروبوتات وأن تضمن موقعها في مستقبل يتشكل بسرعة.


على الرغم من الطموحات الكبيرة، تواجه ميتا منافسة شرسة في هذا القطاع المتنامي. فقد قامت شركات مثل تسلا بعرض نموذجها الروبوتي "أوبتيموس" في فعالياتها الكبرى، بينما أعلنت شركات مثل نفيديا عن تقنيات ذكاء اصطناعي جديدة مخصصة لتشغيل الروبوتات. هذه المنافسة تضع ميتا أمام تحديات كبيرة لتثبت نفسها في سوق لم تعد محصورة في وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل أصبحت مسرحًا للتنافس بين عمالقة التكنولوجيا في مجالات متعددة.


لم تكن محاولات ميتا للتوسع خارج نطاق وسائل التواصل الاجتماعي خالية من العثرات. ففي عام 2013، أطلقت الشركة هاتفًا يحمل علامة فيسبوك بالتعاون مع شركة HTC، إلا أن هذا المشروع لم يحظَ بالنجاح المرجو مما أدى إلى انخفاض سعر الهاتف بشكل دراماتيكي. كما حاولت ميتا دخول عالم الأجهزة المنزلية من خلال جهاز "ميتا بورتال" للفيديو كول، الذي لم يستمر طويلًا في السوق. وعلى الجانب الآخر، أظهرت نظارات "راي بان" الذكية التي أطلقتها الشركة بعض الآفاق الواعدة، رغم أنها لا تزال تواجه منافسة من شركات عملاقة مثل جوجل وسامسونج التي تسعى لاستغلال فرص السوق في الأجهزة الذكية الجديدة.


إن توجه ميتا نحو تطوير روبوتات بشرية الشكل يشير إلى رغبتها في إعادة تعريف مكانتها في عالم التكنولوجيا. في حين أن نجاحها السابق في وسائل التواصل الاجتماعي لا يزال حافزًا قويًا، إلا أن تحديات السوق الحالية تتطلب منها الابتكار والتكيف مع المتغيرات السريعة. إن استثمار ميتا في الذكاء الاصطناعي ومنصات الروبوتات قد يضعها على طريق جديد لتشكيل مستقبل الأجهزة الذكية وربما إعادة رسم ملامح صناعات التكنولوجيا في العقود القادمة.



Comments


bottom of page